حين يرد اسم العراق تتبادر إلى الذهن كل السلالات والعصور والمراحل البشرية الأولى التي مرت بها الحضارة الإنسانية عبر التاريخ , ابتداء من العصر الحجري وما لحقه من عصور جليدية وحديدية, وانتهاء بالعصر الجلكاني الذي نعيش تفاصيله في المرحلة الراهنة .
صرنا الآن نمتلك من الجلكانات* ما لا يمتلكه أي شعب من الشعوب الفقيرة على وجه كوكب الأرض وبقية الأجرام السماوية في المجموعة الحب شمسية . .
جلكانات من كل لون وشكل وحجم وصنف, حتى يكاد لا يخلو بيت في العراق من مجموعة من الجلكانات المعدة لكافة الأغراض, وصار همنا منصبا على كيفية القيام بجولات يومية لا مفر منها لملئ جلكاناتنا بالكاز أو البنزين أو النفط الأبيض أو الماء العذب, وبالقدر الذي يكفي لسد احتياجاتنا المنزلية وليوم واحد فقط . . .
وليس غريبا أن تشير سجلات جنز للأرقام القياسية إلى هذه الظاهرة الجلكانية التي اجتاحت العراق من شماله إلى جنوبه, ووضعته في صدارة البلدان المجلكنة . وحرصت المنظمات الإنسانية على إدراج فقرة الجلكانات ضمن المواد الممنوحة للشعب العراقي لمساعدته في اجتياز المحنة الجلكانية التي ابتلي بها منذ أن وضعت الحرب مكياجها.
وانتشرت في العراق أكشاك بيع الوقود والكاز قرب محطات التعبئة, على شكل أكداس هرمية من الجلكانات المعبئة بالبنزين والكاز الممزوج بمسحوق صابون الكمية, والموزعة على امتداد الطرق الرئيسية في المحافظات .
فأنت مضطر ومطالب يوميا بملء جلكاناتك بالكاز وإنفاق ثلاثة أرباع مرتبك الشهري لتغطية تكاليف شراء الكاز من الأسواق السوداء والملونة, ولا خيار أمامك سوى إرهاق ميزانيتك المتواضعة من اجل تشغيل المولدات الكهربائية التي أصبحت عندنا من السلع المنزلية المعمرة والتي لا يمكن الاستغناء عنها, وليس هنالك أي أمل في الاستغناء عنها في القريب العاجل. . .
بربكم من يصدق أن البلد الذي يرقد على اكبر بحيرات المخزون البترولي العالمي, ويقف في طليعة الأقطار المصدّرة للنفط , يعاني أهله من شحة الوقود ونقص الطاقة ؟؟. وحتى متى نبقى نردد بمضض أهزوجة ( جيب الكاز جيبه ) ؟؟؟؟ .
ــــــــــــــــــــ
* جلكان : مفردة مقتبسة من اللغة الانكليزية, واصلها JERRY CAN