منذ أن بدأت العمليات الأنتحارية في العراق،ومنذ أن بدأ الأعلام العربي، بشقيه الحكومي والتجاري يزغرد لها ، ويحتفي ( بمشعولي اللشة ) الذين ينفذونها ، حيث يطلق عليهم صفة الأستشهاديين، ويطلق على عملياتهم الأجرامية،أسماء جهادية، وأستشهادية ، وفدائية وغير ذلك من الأسماء والصفات المزيفة ، أقول منذ تلك الفترة، والأعلام العربي يحاول خلط الأوراق على الطاولة العراقية ،عبرتشويه الموقف الوطني العراقي ، وتلميع صورة القتلة والمجرمين، مستخدماً في ذلك أقذرالوسائل وأحقرها، ومنها وقوفه المباشر وغير المباشر مع عمليات القتل والأرهاب، ذلك الأرهاب الذي أستخدم في البدء - وبمساعدة الفضائيات العربية طبعاً - غطاء المواجهة مع الأحتلال،وطرد المحتلين من أرض الجهاد والرافدين، وحين سقط هذا الغطاء ، بعد أن ظهر بأن أغلب ضحايا الأرهاب، هم من أبناء الشعب العراقي، وأن مقتل جندي أمريكي واحد في تلك العمليات،هومحض صدفة لاغير!
راح القتلة ، وأمامهم الأعلام العروبي الشريف (والعفيف) الى غطاء آخر، لايقل صفاقة عن الغطاء الأول ، أقصد به غطاء قتل عملاء المحتل، ومن ثم الشرطة العراقية ، وجنود الحرس الوطني ، حتى بات أنتساب العراقيين الى مؤسسات جيشهم ، أو مراكز شرطتهم ، جريمة يستحقون عليها الموت ، بل والذبح بالسيف كذلك، كما أنهم - أي المتطوعين العراقيين - صاروا في نظر هذا الأعلام كفرة ومرتدين ، وأن مصيرهم جهنم لامحال!!
أما ( الشهداء) الذين يفجرون أجسادهم في المدارس والمطاعم والحدائق والجوامع والحسينيات ، ليقتلوا أكبرعدد من العراقيين الأبرياء، فهم أحياء عند ربهم يرزقون،وأن مأواهم الجنة ، بكل نعيمها وملذاتها وخلودها !!
لذا فأنني أعترف اليوم، بأن قناة الجزيرة ومثيلاتها الفضائيات العربيات، قد نجحن في رسم صورة مغايرة للواقع، وللدين الأسلامي الحنيف،عبر تحقيق الهدف الشيطاني المرسوم لها،كما نجحن أيضاً في تثبيت هذه الصورة في عقول الشباب العربي، وستبقى هذه الصورة عالقة في أذهانهم لفترة طويلة، وللأسف الشديد، فقد ساعد في تحقيق هذه الكارثة ، ضعف الفاعليات الأعلامية العراقية، أوأنشغالها في الترويج لأفكارأصحابها، وأهداف أحزابهم، وضعف الحاكمين الأمريكيين ، اللذين تناوبا على أدارة العراق بعد سقوط نظام صدام مباشرة ، فضلاً عن تساهل الأجهزة الرسمية العراقية ، مع النشاط المعادي والمحموم للفضائيات العربية في العراق بعد ذلك، بحجة الديمقراطية والحرية الأعلامية ، وغير ذلك من الخزعبلات !!
لقد بثت الجزيرة والعربية وأبو ظبي وغيرها ولفترة طويلة، بيانات ، وأشرطة، وخطابات، ومقابلات، وفتاوى تبرر قتل العراقيين ، دون أن يقول لها أحد (على عينك حاجب ) !!
أذ لم يتحرك المسؤولون العراقيون نحو قناة الجزيرة مثلاَ ، ألاّ بعد أن أنتقد رامسفيلد وكولن باول وبشكل علني، ولأكثرمن مرة، أنحياز قناة الجزيرة لأعداء العراق ، وحتى حين منعت الجزيرة من العمل في العراق بعد ذلك، فأن منعها لم يأت ( ألاّ بعد الخراب الفعلي للبصرة ) علماً بأن هذا المنع ، هومنع شكلي ومفتعل، وهو ليس أكثر من ذرالرماد في العيون كما يقولون، أذ لم يزل بعض المسؤولين العراقيين يتعاملون حتى هذه اللحظة معها ، فيظهرون على شاشتها ،ويبتسمون لعدساتها، بل ويصرحون لها ، مالم يصرحون به لغيرها !!
وعودة لبدء المقال ، فأن القتلة والأرهابيين ، تخلوا اليوم - بعد أن فضحت جرائمهم - عن الغطائين السابقين ، أقصد بهما غطاء جنود الأحتلال ، وغطاء العملاء ، فلم يعد جنود الأحتلال ، وأفراد الشرطة والحرس الوطني، هم الأهداف التي يدعي الأرهابيون دائماً، بأنهم يسعوون لها ، بخاصة بعد أن توجهوا في الفترة الأخيرة ، وبشكل سافر، بعملياتهم الأرهابية الى الأسواق الشعبية ، والجوامع ، والمحلات السكنية ، التي لا يوجد فيها ذكر للأحتلال، أولقوات الشرطة !! وتأسيساً على هذا نقول ، بأن جميع الأقنعة والوجوه المزيفة للأرهاب، قد سقطت ، وسقطت معها كل الآليات الأعلامية العربية ، ولكننا وللأسف الشديد ، لم نزل نرى هذه الآليات تشتغل، وتمارس فعلها المخزي ، وكأن شيئاً لم يكن، فلا هذه الآلآف المرعوبة من (المجاهدين) العرب والعراقيين المغفليّن، التي تقع بيد العدالة كل يوم، والتي تعترف بكل شيء، وعن كل شيء، بما فيها عمليات التجنيد وغسيل المخ، وأغتصاب النساء النجيبات، وخطف الأبرياء من أجل المال، وذبح الضحايا بالسيف مقابل (ورقة أو ورقتين) يجعلها تغيّر شيئاً من سياستها الأعلامية الكريهة ، ولا تلك الضحايا التي تسقط من العراقيين الأبرياء كل حين ، وأغلبها من الأطفال والنساء والشيوخ ، تجعل أمة العرب تفكر بجد ، وبضمير واع ، من أجل تغيير موقفها المخجل من القضية العراقية ، وبخاصة أعلامها المنحاز للأرهاب ، وللنظام الصدامي العفن !!
ومن الجدير بالذكر، أن الأعلام العربي ، كان ولم يزل يصرعلى الأختلاف مع الحقيقة ، ففي الوقت الذي كان يدعي ، بأن منفذي العمليات الأرهابية ، هم مجاميع مشتركة من العراقيين،والمتطوعين العرب والأسلاميين الأجانب، كنا نقول بأن جميع هؤلاء المجرمين هم من العرب والأجانب فقط ، وليس فيهم عراقي واحد. أن أصرارالأعلام العربي، على أشراك العراقيين في موضوعة الأنتحاريين، هوأصرار أعمى ، ينم عن حقد دفين على العراق والعراقيين ، فهذا الأعلام يصورعمليات التفجيرالأرهابية، وكأنها عمليات يشترك بها العراقيون مع العرب، لمواجهة التغييرالديمقراطي،الذي حصل في التاسع من نيسان!!
وبين أصرارالأعلام العربي، بكل أمكاناته وقدراته البشرية والفنية على رؤيته وسياسته المنحازة، وبين رفضنا لخطابه السياسي، ومواجهة أكاذيبه، رغم ضعف أمكاناتنا الفنية ، بخاصة في موضوع العمليات الأنتحارية ، جاء تصريح السيد هوشيار زيباري أمس في بروكسل حول العمليات الأرهابية، ليؤكد وبالأرقام ، بأن جميع المجرمين القتلة في تلك العمليات ، هم من العرب والأجانب ، ولم يكن بين الأنتحاريين عراقي واحد !!
أن تصريح السيد وزيرالخارجية العراقي ، وفي مؤتمر مهم ودولي ، كمؤتمر بروكسل،يدحض وبكل قوة أدعاءات الأعلام العربي، ويكشف زيفه ، وأنحيازه الطائفي ضد الشعب العراقي، وضد تجربته الديمقراطية ، ويؤكد ما كنا نرمي أليه من قبل ، فقد كنا ولم نزل واثقين، من أن العراقيين بعيدون جداً عن عمليات الأنتحار، سواء تلك التي تأتي عبر تفجيرالسيارات التي يقودونها ، أوتلك التي تتم عبر نسف أجسادهم بالأحزمة الناسفة ، وسبب ثقتنا وأصرارنا على عدم أشتراك العراقيين في تلك العمليات الأرهابية ، يعود
لكون العراقيين أبناء تأريح راقي، وحضارة ،تمتد لخمسة آلاف عام،وهم دائماً في صدارة الأبداع التأريخي والأنساني ، ولم يكن العراقيون يوماً ، بعيدين عن الجمال ، والحياة والألوان والحب والأنسانية ، ومن فرط حبهم للحياة ، أقاموا بيوتهم على ضفاف الأنهار، لأن الماء رمزمهم من رموز الحياة ، لذلك فأن شعباً يحب الحياة، ويصنع الجمال، ويبني
الحضارة ، لايمكن أن يتجه للموت بشكل مجاني، بل وبشكل أجرامي كما يحصل الآن في عمليات القتل الأرهابية ، وهذا لايعني أن العراقيين يخافون الموت ، بل على العكس ، فقد رأينا كيف أرتقى أبطالهم المشانق ببسالة، وهم يهتفون بحياة الشعب العراقي، وكيف يواجه ثوارهم الرصاص بصدورهم العارية ، من أجل حرية الوطن ، وسعادة شعبه !!
الأنتحار ، أو القتل أنتحاراً، صفة بعيدة ، بعيدة جداً عن العراقيين ، فالعراقيون وبمختلف ألوانهم وأطيافهم وأشكالهم، وأعراقهم هم من الجنس البشري ( يعني من قسم الأوادم) أما الكائنات التي تنتحر هذه الأيام في مطاعم العراقيين، وأسواقهم ، وبيوتهم ، فهؤلاء من الجنس الحيواني، وتحديداً (فصيلة الحمير) مع وافرأعتذاري (للمطاية العراقية الشريفة)!!