كسر العراقيون ظهر السعودية ، وأخرجوها من بطولة أمم آسيا ، وهي التي فازت بها ثلاث مرات من قبل ، وخروجها يعتبر أول خروج لها من الدور الأول ، في تأريخ هذه البطولة ، وقبل أقل من ثلاثة أشهر، سحق الفتية العراقيون أيضآ عظم السعودية ، وأخرجوها من دورة أثينا الأولمبية ، وهي التي صرفت على فريقها الأولمبي ذاك ، ما يعادل قيمة بئر نفط ، في حين أن ما صرف على فريقنا الأولمبي ، ما يعادل قيمة عشر سيارات مفخخة !! وربما يسألني أحد القراء ،عن المبرر الذي يجعلني أمضي بأتجاه لغة ( الكسر والسحق ) ، مستخدمآ ذات الأسلوب السياسي ، في قضية رياضية لاتتحمل هذا التوصيف القاسي ، ولا تستحق هذه اللغة العنيفة ، بمعنى أن القضية كلها لعب في لعب ،فضلآ عن أننا أشقاء ، والرياضة هي فوز وخسارة ، وهي قبل ذلك أيضآ حب وطاعة وأحترام ، وغير ذلك من المباديء والبديهات الصحيحة والسليمة ، في عالم الرياضة النظيف والبريء ، وجوابي على هذا السؤال المفترض ، وعلى حشد هذه الأقوال التي ربما قالها أحد الأفلاطونيين الرومان، وهو في لحظة ( تجلي وأندهاش ) ! أقول أن جوابي يختلف تمامآ عن كل هذه المثاليات المحفوظة ، لأن الحال يختلف في الواقع أصلآ ، والمقايسة التي تصلح في الصومال، يقينآ لاتصلح في سويسرا ، وهذا يعني أن الوضع العراقي يختلف عن الوضع السعودي ، فالسعوديون والصينيون والكوريون، وكل عباد الله ، يلعبون بالكرة ، في حين أن العراقيين يلعبون بالقنابل رغمآ عنهم ، وأذا كان العالم يمتع نواظره بالموناليزا ، فأن العراقيين يكحلون عيونهم بالرؤوس المفصولة ، وهي ملقية في الحاويات كل صباح جديد، وأذا كانل لاعبو السعودية قد جاءوا من أجازاتهم التي قضوها في أمارة موناكو ، أو بلاج المحيط الهادي في كالفورنيا ، أو شواطيء فينيسيا ، فأن اللاعبين العراقيين، جاءوا من أجازاتهم الخرافية في (مصايف ) الفلوجة الساحرة ، والظلوعية االباهرة ، وغيرها من مصايف الزرقاوي، في حين أن مدرب الفريق عدنان حمد ، جاء من سامراء التي تنعم الآن بالهدوء الشاعري ، والجمال الخلاب ، مع توفر حفلات ( خاصة ) تسعد الروح ، وتنعش القلب ، وتريح الأذن ، وقبل كل شيء لم لايسأل هذا القاريء نفسه ويقول ، كيف خرج الفريق العراقي من العراق ، وكيف وصل الحدود الأردنية ، وكم آية قرآنية ، قرأ كل لاعب حتي يسلمه ويحفظه الله من شرور الأشرار ، وكم دولار في جيب كل لاعب من لاعبي العراق ، في حين كم هي الوصايا ، من الأهل والأصدقاء لجلب هذه الهدية لهذا الأخ ، أو لتلك الأخت ، وقبل أن يسأل ذلك ، عليه أن يعرف كم هي السنوات التي قضتها الكرة العراقية بعيدة عن النشاطات الدولية ، وأن يعرف حجم الأرث الأرهابي ، والخوف الفظيع المتراكم في قلوب اللاعبين العراقيين ، بسبب سياسة ( مشعول اللشة ) عدي ، وما زرعه في صدورهم من خوف ورهبة ، ما كان لهذا الخوف أن يذهب قطعآ ، لو لم يأت التحرير في الوقت المناسب لأعمار هؤلاء الفتيان ، وفوق هذا ، وفوق ذاك، فأن الأعلام العربي لم ( يقصر) في أداء خدماته المنحطة ، لصالح المشروع المعادي للشعب العراقي، أذ قام بالواجب على أحسن ما يرام ، فالطلقة التي يفجرها معتوه في العراق، تصبح في أفواه مذيعي القنوات العربية قنبلة ، و القنبلة تصبح لديهم شاحنة من المتفجرات ، و الشاحنة تصبح قافلة ، والحبة قبة ، والقبة ( ما أدري شنو ) وكل هذا ، وغرف اللاعبين في الفندق، مجهزة حتمآ بأجهزة التلفزيون، والستلايت، فليس من المعقول أن الصين بلا
ستلايت، واللاعبون يشاهدون حتمآ هذه القنوات(المنحطة)، ويتابعون نشراتها الأخبارية ، وتحليلات مفكريها ومحلليها ( الخردة ) ، ومع ذلك يلعبون ويغلبون فرقآ ( فايخة ) مثل الفريق السعودي ، وفرقآ مطمئنة مثل تركمستان ، لذلك فالحق يجبرالكون ويجبرالعالم أيضآ ، على أن يخلع قبعته وينحني أجلالا وأحترامآ لهؤلاء الشباب ، الذين قلبوا الموازين، وجعلوا الصين تنبهر، وتقوم بمليارها ولا تقعد، لما فعله( أولاد الملحة )أمس!! أن الفريق العراقي الذي جاء من بلد، مثخن بالجروح ، ومفخخ بالحسد ، ومحاط بالحقد من ثلاث جهات، يستحق أن يحتفل به العراقيون في شوارع بغداد ، رغمآ عن أنوف الزرقاويين والصداميين، ورغمآ عن أنوف السيارات المفخخة ، مثلما أحتفل به الشعب الصيني ، وأحتفل به كل محبي الحرية في العالم ، ولقد هزني مشهد أمس، كان قد تشكل صدفة ، في أحدى مقصورات الملعب الذي أقيمت فيه المباراة ، أذ رأيت طفلين أمريكيين
من أبناء أركان السفارة الأمريكية ، أو القنصلية في الصين، وهما يرفعان العلم العراقي ، وكم كان المشهد نبيلآ ورائعآ، حين تعانق هذان الطفلان بعفوية ، حين سجل الفريق العراقي هدف الفوز ، وكأنهما يقفزان فرحآ بفوز فريقهم الوطني ، لا بفوز فريق بلد يقتل به آباؤهم ، وأخوتهم كل يوم ، هكذا هي صداقات الشعوب ، يختصرها الأطفال في زاوية من زوايا ملعب يقع في آخر الكرة الأرضية ، أذ حتمآ أن هذين الطفلين لم يكونا من الممثلين الأمريكيين، ولم يكونا أيضآ على أتفاق مع ذلك المخرج الصيني الذي يكره بالضرورة أمريكا ، بأعتبارها زعيمة الأمبريالية وعدوة الشعوب !! وللحق فأن للسعودية ، دولة ، ومناهجآ ، ومذهبآ ، وعقيدة ، وأموالآ ، وأشخاصآ ، دورآ كبيرآ وفاعلآ بهذا الخراب الذي يحل في العراق ، وفي العالم أيضآ ، فقد عشش الأرهاب ، وفقست الأصولية ، ونما التطرف ، في المفاقس السعودية ، وبدعم ومناخ سعودي ، ناهيك عن العقدة العراقية التي تؤرق المنام السعودي منذ زمن طويل ، لذلك فأن فوز العراقيين على السعودية مرتين خلال أقل من ثلاثة أشهر، وأخراجهم من أهم بطولتين ، هو أمر أزعج السعوديين وأبكاهم ، أذ وبعد ساعة واحدة على هزيمتهم أمام العراق ، أصدرأبن الملك فهد قرارآ بأقالة كل الجهاز التدريبي والفني ، وتسريح جميع اللاعبين ، وطبعآ كل ذلك يأتي بسبب خسارتهم أمام ( العراكيين ) ، فالسعوديون يرضون بكل شيء ، ألا الهزيمة أمام ( شيعة العراك ) !! مع أنهم يعرفون أن ثلث لاعبي المنتخب العراقي هم من غير الشيعة !! على أية حال هم لهم التفخيخ ، ونحن لنا الكرة، هم يغلبوننا بالحقد والكراهية ، ونحن نغلبهم بالشعر والفنون الراقية ، وهم يباروننا بأبن لادن، ونحن نباريهم ( بأقتصادنا وفلسفتنا ) وغيرهما من روائع العالم العظيم محمد باقر الصدر ، هم يتباهون بالقاتل المقتول عبد العزيز المكرن ، ونحن نباهيهم بسلام عادل ، زهو الرجولة العراقية ، ومادمنا على خط الحق والعدل والروعة ، فسنظل نغلبهم بمسابقات الأبداع والرقي والجمال والعلم والثقافة والشهادة السامية كل يوم، بينما سيظل السعوديون ، بوهابيتهم وكراهيتهم الأبدية لنا ، يغلبوننا بمؤامرات الغدر، والتفجير، والأصولية المقيتة العفنة ، لسبب واحد ، هو أننا شعب لايجيد فن التفخيخ ، وثقافة القتل والغدر ، ولا يعرف أبجدية التطرف ، ولا أوليات الحقد والكراهية ، لأننا بأختصار شعب متخصص، بالحب، والأبداع والفروسية ، وشتان بين الفوز بالتفخيخ ، والفوز بالكرة