أحدث مهنة في الوطن العربي تحديدا هي مهنة الفقيه أو الداعية أو المفتي، حيث في العقود الأربعة الأخيرة تحديدا تصدرت هذه المهنة كافة المهن، فأصبحت تدرّ على أصحابها ذهبا وعسلا وشهرة من المستحيل أن يحصل عليها علماء مشهورين .
إن طبيعة هذه الفتاوي لا يمكن أن يكون القصد منها توعية الشعوب بقدر ما هو تخريب عقولها وإشغالها بأمور ثانوية بدلا من تركيز اهتمامها على محو أميتها والارتقاء بمستواها التعليمي والفكري، واللحاق بالتقدم العلمي والتكنولوجي الذي يكتسح العالم بسرعة ضوئية، ونحن نعيش على هامش هذا التقدم بشكل مخزي إذ لا مساهمة لنا مطلقا فيه، سوى انتظار ما يبتكره الأوربيون والأمريكيون واليابانيون والصينيون، لنبدأ البحث السريع عن آية قرآنية ندعّي أنها تفسر وتتنبأ بهذا الابتكار، لتضاف لصناعة عربية بامتياز أصبح اسمها: الإعجاز العلمي في القرآن.. متناسيا أصحاب تلك الصناعة الوهمية أن القرآن الكريم كتاب في الهداية والأخلاق القويمة وليس كتاب في الكيمياء وعلوم الفضاء، وهذا لا يعيبه أو ينقص من أهميته كونه لا يحتوي على آيات تفسر ظاهرتي ثقب الأوزون والارتفاع الحراري، ولماذا لم يبحثوا مسبقا عن الاختراعات التي تتنبأ بها آيات القرآن الكريم مسبقا، وتنبيه العلماء العرب لاختراعها وسبق الآوربيين والأمريكيين لذلك؟
وهذا ما يمكن تسميته: التخريب عن طريق الدين.. وهو أسهل وسائل التخريب وأسرعها، لأن كل ما يغلف بمسحة من الدين يجد طريقه سريعا لقلوب الجماهير وقناعاتهم العاطفية وليس العقلية، وعبر هؤلاء الدعاة والمفتين يتم القفز عن مقولة: المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، عبر إشغاله بأمور هامشية لا علاقة لها بإيمانه بربه، ولكن بإلهائه بهذه الأمور السطحية التي لا تمت بصلة للأخلاق والطريق المستقيم والتقدم في حياته، فقط هي تحقق الشهرة والنجومية والثراء السريع لأولئك الدعاة، ويكفي أن نذكر أمثلة لأشهر هذه الفتاوي، فتاوي حسب الطلب و: التيك أواي.. التي تشغل هذه الجماهير الغفورة الغفيرة، وسيرى القارىء كم نحن متخلفين،و كم نحن نعيش خارج العصر، وسيجد تفسيرا لسبب هزائمنا وإمكانية انقراضنا كشعوب لها مكانتها في حراك العصر
********
فتوى تحريم الدروس الخصوصية
شخص ضعيف في مادة الرياضيات أو اللغة الإنجليزية أو الكيمياء مثلا، ما علاقة الدين والشرع والفقه في مسألة اللجوء لمتخصص في هذه المواد ليعطيه دروسا خاصة تقويه في تلك المادة ليكون في مستوى النجاح والتقدم الذي لا يرفضه أي دين من الأديان؟
ما علاقة الفقه والدين طالما تلك العملية تمت حسب رغبة الشخصين حول ساعاتها وأجورها؟ أي خلل فيها يمس مبادىء الدين؟. هذا ما يبدو للعقلاء لكن المسألة لم تسلم من فتاوي واحدة تحرمها وأخرى تحللها وعلى الشخص أن يأخذ بما يناسبه من هذه الفتاوي.. حسب الطلب والرغبة، فمفتي مصر علي جمعة كما هو منشور في موقع إسلام أون لاين وبناءا على استفسار من وزارة التربية والتعليم المصرية عام 2004 أفتي بـ : تحريم الدروس الخصوصية التي يعطيها مدرسو المؤسسات التعليمية الرسمية للطلاب خارج نطاق المدرسة، في حين أن هناك فتوى ورد فيها: إذا كانت الدروس الخصوصية ليست جبرا، والمدرس يؤدي واجبه في مكان الدراسة، وكانت رغبة حقيقية من أولياء الأمور، وألا يغالي المدرس في الأجر فلا مانع منها شرعا
ويرى عطية صقر رئيس لجنة الإفتاء في الأزهر سابقا: الدروس الخصوصية تعليم لا مانع من أخذ الأجرة عليه ما دام غير متعين على المعلم، وما دامت هناك رغبة فيه من أولياء الأمور
من المخطىء ومن المصيب من هذين الشيخين، ومن منهما يتبع أولياء أمور الطلبة الضعفاء في بعض المواد ويحتاجون لدروس تقوية؟.
أتذكر كم انشغلت الصحافة والمجتمع المصري آنذاك بتلك المسألة الاستراتيجية، بينما لم ينشغلا بمشكلة الانفجار السكاني والغذاء الذي يعتمد الشعب المصري فيه على المعونة الأمريكية التي لا تقل عن ملياري دولار سنويا ولولاها لدخل المجتمع المصري أبواب المجاعة فعلا حسب تصريحات مسؤولين كبار
********
رأي بمنع استخدام حرف إكس الإنجليزي كالوارد في كلمة
Explorer
وأيضا هذه ليست نكته فقد وردت في مقالة لعمرو محمد الفيصل، مدير شركة الدليل لنظم المعلومات السعودية في جريدة سعودية، أورد فيها أنه تقدم لتسجيل أحد منتجات شركته لدى وزارة التجارة السعودية كنوع من الحماية الفكرية لذلك المنتج، ويقول: بعد أكثر من عام وهذا يدل على شديد اهتمام الوزارة الموقرة، أرسلت الوزارة خطابا كريما ترفض فيه تسجيل المنتج بناء على طلب من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. يتلخص الأمر بأن المنتج الذي أردنا تسجيله اسمه برنامج المستكشف والذي ترجمته باللغة الإنجليزية هو
Explorer
وقد أشار العلماء ا بهيئة الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف.. لا أدري ما علاقتهم بتسجيل العلامات التجارية.. إلى أن الكلمة الإنجليزية تحتوي على حرف الإكس والتي لاحظت الهيئة بأنها على شكل صليب مما استفز مشاعرهم الإسلامية فأمروا وزارة التجارة بمنع تسجيل المنتج
ويواصل عمرو محمد الفيصل تحليله للموقف فيقول: الحقيقة أنني أكبر في رجال الهيئة غيرتهم الواضحة في حماية حمى هذا الدين ومن أن تتسلل العقائد الفاسدة إلى المسلمين في هذه البلاد دون شعورهم بالخطر المحدق بهم، ولكن يقظة القائمين على الهيئة حال هذه المرة ولله الحمد من وقوع كارثة لا يدري أحد عقباها.. أود من الهيئة الموقرة بالأمر على وزارتي التعليم والتعليم العالي لإلغاء علامة الزائد وهي علامة الجمع في الرياضيات وكذلك علامة الضرب حيث أنهما على شكل صليب وتخيلوا معي أن ألاف الطلبة والطالبات يستخدمون تلك الرموز الخبيثة في كل يوم ودون أدنى علم بالخطر الذي تشكله تلك الصلبان على عقيدتهم.. كذلك أقترح أن تأمروا وزارة الإعلام بمنع أي كتاب أو مجلة مكتوبة بالأحرف اللاتينية حتى تستبدل حرف الإكس أينما يرد بهلال صغير من تصميم رجال الهيئة الأجلاء
وكما هو واضح فإن هذه القضية كما أوردها عمرو محمد الفيصل، لا تحتاج لأكثر من تعقيباته الهادفة المدروسة التي تضع مستقبل الأمة في أولوياتها، وهذا الجهل والتجهيل يفسر المعلومة التي تؤكد أن نسبة مستخدمي الإنترنت في الأقطار العربية لا تزيد عن 12% من مجموع شعوبها
********
فتاوي التكفير والخروج من الملة
وهذه الفتاوي في حد ذاتها كارثة علمية وإنسانية، فبعض الدعاة والشيوخ تخصصوا في هذه النوعية، ويكفي أن نذكر أن سليمان بن صالح الخراشي.. شيخ الصحوة المباركة كما يقدم نفسه.. زاوية خاصة اسمها: تكفير المثقفين في الوطن العربي.. ورد في قائمته تلك تكفير وتحليل قتل 70 سبعين كاتبا ومثقفا منهم
:
أحمد لطفي السيد، جبران خليل جبران، أبو القاسم الشابي، محمد سعيد العشماوي، عبد الله العروي، يوسف إدريس
نجيب محفوظ، طه حسين، جمال الغيطاني، فرج فودة، فؤاد زكريا، جابر عصفور، أمينة السعيد، نصر حامد أبو زيد
نزار قباني، محمود درويش، سميح القاسم، محمد خلف الله، محمد عابد الجابري، أحمد البغدادي، فرح إنطون
سلامة موسى، إحسان عبد القدوس، عبد السلام المسدي، جورجي زيدان، محمد الرميحي، غادة السمان
كاظم الساهر، أحلام مستنغامي، المطربة أم كلثوم، غازي القصيبي، محمد الأحمد الرشيد، عبد الله الغذامي
تركي الحمد، حسن المالكي، حمزة المزيني، تركي السديري، أحمد أبو دهمان، سليمان الهتلان، منصور النقيدان
المدعو محمد عبده وزمرته من المارقين، عبد الله السحان، ناصر القصبي، نوال السعداوي، محمد أركون
غسان كنفاني، عثمان العمير، فهد العبد الجبار، عبد الرحمن منيف، بدر شاكر السياب، عبد الله البردوني، عبد الله البردوني
عبد الوهاب البياتي، صلاح عبد الصبور، حمزة شحاتة، أدونيس، إبراهيم الكوني، عبد العزيز المقالح
الطيب صالح، حمد الجاسر، خالص جلبي، مؤنس الرزاز، منصور الحازمي، إيليا أبو ماضي، عبد الله أبو السمح
ولم أفهم لماذا تم تكفير كاظم الساهر وأم كلثوم وعبد الله الرويشد..كما سيأتي لاحقا، وتم التغاضي عن قريبتي وابنة عشيرتي المطربة الفاتنة الجميلة مادلين مطر، والفنانة المحبوبة المرغوبة بنت عشيرة العجرمي البدوية نانسي عجرم واللهلوبة هيفاء؟.. إلا إذا كانت هناك ملاحق جديدة للفتاوي السابقة تضمنت هذه الأسماء، وإن تأكدت من ذلك فكل ما يهمني بحكم القرابة والأهل..خيركم خيركم لأهله.. أن أؤمن هروبا ولجوءا سريعا في النرويج لقريبتي مادلين مطر وبنت العشيرة نانسي عجرم
وقد تضمنت نفس الفتوى: تحريم جريدة الشرق الأوسط ، تكفير من يودع أمواله في البنوك، وتكفير من لا يكفر الكفرة
هذه البنود الثلاثة من شأنها تكفير الغالبية العظمى من المسلمين، فمن بقي مسلما حقيقيا لم يتم تكفيره؟؟
وليتنا نعرف الحيثيات التي اعتمد عليها سليمان بن صالح الخراشي في هذا التكفير لسبعين كاتبا ومفكرا، تحتاج مؤلفاتهم لما لا يقل عن مئة وسبعين باحثا ودارسا وربما لعشرات السنين للبحث فيها وتقديم الأدلة على حقيقة تكفيرهم، فكيف تسنى ذلك للخراشي بهذه السرعة الضوئية
الخطورة في الواقع العربي والإسلامي أن هناك بعض الجهلة المغرر بهم من يسعى لنيل الأجر والجنة الموعودة بتنفيذ القتل في هؤلاء الذي تم تكفيرهم، وعلى هذه الخلفية تم اغتيال فرج فودة ، ومحاولة اغتيال نجيب محفوظ قبل موته الطبيعي، وفرار نصر حامد أبو زيد إلى هولندا
********
فتوى بن جبرين في تحريم عيد الحب
سئل فضيلته: انتشر بين فتياننا وفتياتنا الاحتفال بما يسمى عيد الحب (يوم فالنتاين)وهو اسم قسيس يعظمه النصارى يحتفلون به كل عام في 14 فبراير، ويتبادلون فيه الهدايا والورود الحمراء، ويرتدون الملابس الحمراء، فما حكم الاحتفال به أو تبادل الهدايا في ذلك اليوم وإظهار ذلك العيد جزاكم الله خيرًا.
فأجاب حفظه الله:
أولاً: لا يجوز الاحتفال بمثل هذه الأعياد المبتدعة؛ لأنه بدعة محدثة لا أصل لها في الشرع فتدخل في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) أي مردود على من أحدثه.
ثانياً: أن فيها مشابهة للكفار وتقليدًا لهم في تعظيم ما يعظمونه واحترام أعيادهم ومناسباتهم وتشبهًا بهم فيما هو من ديانتهم وفي الحديث: (من تشبه بقوم فهو منهم).
ثالثاً: ما يترتب على ذلك من المفاسد والمحاذير كاللهو واللعب والغناء والزمر والأشر والبطر والسفور والتبرج واختلاط الرجال بالنساء أو بروز النساء أمام غير المحارم ونحو ذلك من المحرمات، أو ما هو وسيلة إلى الفواحش ومقدماتها، ولا يبرر ذلك ما يعلل به من التسلية والترفيه وما يزعمونه من التحفظ فإن ذلك غير صحيح، فعلى من نصح نفسه أن يبتعد عن الآثام ووسائلها.
وقال حفظه الله:
وعلى هذا لا يجوز بيع هذه الهدايا والورود إذا عرف أن المشتري يحتفل بتلك الأعياد أو يهديها أو يعظم بها تلك الأيام حتى لا يكون البائع مشاركًا لمن يعمل بهذه البدعة والله أعلم.
**********************
ماذا بقي في حياة المسلم حلالا؟
تطول قائمة هذه الفتاوي التي لم تبق حلالا يذكر في حياة المسلم سوى أن يسجن نفسه في زاوية المسجد ولا يبرحها لأمتار أو لدقائق، فقد صدرت الفتاوي التالية
:
فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء بتحريم إهداء الزهور
فتوى ناصر بن حمد الفهد بتحريم العطور
فتوى ابن تيمية بتحريم علم الكيمياء ويصفه بالسحر
فتوى بندر الشويقي بهدر دم تركي الحمد ويطالب بقتله حالا
فتوى ابن باز في تحريم القول بدوران الكرة الأرضية
فتوى ناصر بن حمد الفهد في تحريم التصفيق
فتوى عبد الله بن جبرين في الجهاد ضد الشيعة ووجوب البصق في وجوههم
ثلاثة فتاوي في تحريم ربطة العنق وتحريم الملابس الرياضية وتحريم لعبة البلياردو
فتوى صالح الفوزان في تحريم السياحة أو السفر خارج المملكة السعودية تحريما قطعيا
فتوى ناصر الفهد في تحريم أداء التحية العسكرية وارتداء اللباس العسكري
فتوى عثمان الخميس وسعد الغامدي في تحريم الإنترنت على المرأة بسبب خبث طويتها ولا يجوز فتحه إلا بحضور محرم مدرك لعهر المرأة ومكرها
وهناك العديد من الفتاوي، أتوقف عند هذا الحد كي لا يغضب اصحاب الفتاوى وينفسوا عن حنقهم وغضبهم بإهدار دمي مع أن دوري هنا هو مجرد نقل الفتاوي من مواقعها وناقل الفتاوي ليس مفتيا
وليت هؤلاء الفقهاء والشيوخ يجيبوننا على: كيف سنطبع القرآن الكريم والأحاديث النبوية إذا أوقفت الدول الأوربية والأمريكية تصدير ألآت الطباعة والورق للدول العربية تحديدا؟ وطالما هم يصدرونها لنا كيف سنخاطبهم ونكاتبهم عند منع تعليم اللغة الإنجليزية أم سنفرض عليهم عندئذ تعلم اللغة العربية ؟؟
********